الداخلة // المرأة الصحراوية بين الانتهازية والنفاق السياسي

hisspress.net

  الداخلة //  بقلم ذ / سناء صادق  صحفية ل هيسبريس.نت
يوم الأربعاء 15 أكتوبر 2014

عتبر مشاركة المرأة سياسيا واجتماعيا بل واقتصاديا ـ كما يشير البعض ـ مقياسا ومؤشرا لتطور وتقدم أي مجتمع،فالمرأة تمثل التعددية كبعد جوهري للديمقراطية، لأنها تعد أكبر أقلية من حيث ضعف وضعها القانوني، وتحرير المرأة لا ينفصل عن تحرير الشعوب،( سواء تحررها من الاستعمار الأجنبي ماضيا، أو من السلطة الديكتاتورية في الحاضر)، فليس من المترف أو الثانوي أن يتم طرح السؤال عن وضع المرأة كشرط أساس لفهم أي حركة إصلاح سياسي.

       إن حركات الإصلاح السياسي بالصحراء، التي لا تركز ضمن أهدافها على إصلاح وضع المرأة  الصحراوية لا يمكن أن ينتظر منها النجاح في تحقيق الأهداف السياسية بالتقدم، حتى لو استطاعت  تبوأ مناصب خجولة في ظل الحكومة الحالية ورفع صورة ديمقراطية، لأن المجتمعات الإنسانية التي سبقت ، كانت قد برهنت تاريخيا على الدرس الثابت بأن لا ديمقراطية سياسية ستنجح إلا بإصلاح وضع المرأة عموما. فالمشاركة السياسية للمرأة الصحراوية تعد واحدة من أبرز وأهم صور الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في  الصحراء، ويقاس من خلالها درجة التطور الإيجابي لهذا المجتمع ،وذلك لصلتها الوثيقة بقضية التنمية الشاملة،تنمية المجتمع وليس النوع فقط، لكنها ليست الصورة الوحيدة لمشاركة المرأة، وإن كانت أهمها، لذا فإن الحق بالمشاركة السياسية للمرأة يأتي بعد وقت لأبأس به من مسيرة التجربة الديمقراطية،واليوم لم يعد ممكناً لنا أن نتحدث عن الإصلاح أو التنمية الشاملة التي تعتمد على مبدأ المشاركة بعيداً عن دور المرأة الصحراوية من حيث هي أصل وفاعل يتقاسم مع الرجل أعباء الحياة وتبعاتها،فعملية التنمية في المجتمع الصحراوي يقوم بها الرجال والنساء ولا يمكن أن تقوم التنمية بدون مشاركة المرأة،فلا يمكن للمجتمع أن ينهض ونصف طاقته معطل

 إذ ترتبط التنمية في أي بلد بمدى مشاركة جميع فئاته في عمليات التنمية الاقتصادية والسياسية،فالتنمية قد تعني: محو الأمية ومعالجة الفقر وتوفير فرص العمل وتحقيق العدالة في توزيع الثروات، وضمان الحرية وكفالة حق التعبير عن الرأي، واعتماد مبدأ التداول السلمي للسلطة، والمشاركة في صنع القرار. و لقد تباينت التوجهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقيمة في الصحراء ،ومع ذلك اتسم التطور الاجتماعي الذي شهدته المنطقة خلال فترة ماضية بسبب غلبة بنية العادات والتقاليد الحسانية على التركيبة الاجتماعية وسيادة ثقافة سياسية تقليدية ظلت تحصر دور المرأة في بعض الأدوار التقليدية باعتبارها:أماً،وزوجة ومربية،ولم تكن هذه الثقافة تتصور للمرأة أي دور خارج إطار تلك الأدوار التقليدية، وهنا نقف مع المرأة الصحراوية في احد أوجه هذه الملحمة المترسخة في الأذهان بأروع الملاحم البطولية المخضبة بالنبل والشجاعة والإقدام”والجهد والنضال والعطاء وبروح المثابرة ‏وفرض وجودها في ميدان ظل ردحا من الزمن شبه حكر على الرجل في مجتمع ‏كان رجاليا إلى قبل حين.

       إن تغيير البنية الثقافية والاجتماعية الحسانية وفق مفاهيم ومدركات المجتمع يتطلب فترة زمنية طويلة، ونظراً لأهمية مشاركة المرأة للدفع بالعملية السياسية، وبالنمو الاجتماعي والسياسي في الصحراء، فإننا في حاجة إلى آلية قانونية أو أخلاقية يمكن تفعيلها أو إيجادها لكي تحصل المرأة بالصحراء على قدر أكبر من المكاسب السياسية،  وهذه الآلية هي نظام «الحصة» أو «الكوتا» على أن تكون هذه الآلية مؤقتة بفترة زمنية محدودة وهي الفترة التي تكفي حتى تأخذ المرأة الصحراوية مكانتها الطبيعية في المرافق ومؤسسات صنع القرار،ولإعمال هذه الآلية لابد من قيادة سياسية مؤمنة بالفكرة وتقبل تطبيقها في المجتمع وتدعمها في وجه الرفض وعدم التقبل بها، و أن لا يقتصر وجودها بشكل مكثف فقط كفعاليات مدنية جمعوية أو حقوقيةكانت، وعليه فإن صناع القرار يؤمنون أكثر من غيرهم أن تحرير الشعب من الثقافة الاجتماعية التقليدية التي يتشيخونها يبدأ أولا وأخيرا بتحرير المرأة عموما والصحراوية خصوصا، ولهذا يرتكز قتالهم على كل ما يتعلق بها من أصغر التفاصيل إلى أكبر العناوين.

     إن ما يمارس من إقصاء  للنساء الصحراويات المثقفات من المحافل الدولية التي يمكن أن تبرزهن كطاقة فاعلة، والاعتماد على بعض الفاعلات الائي لهن دراية لا تتعدى انشطة جمعوية بسيطة تدر عليهن بدراهم معدودة، وتدشن  بعض المؤسسات الإدارية المستبدة أطوار تسلطها بجملة من الإجراءات القمعية التجفيفية للثقافة والمرأة الصحراوية المثقفة، لأسباب موضوعية، لهو سلوك منغلق ومتحجر وعنيف وراكد من جهة ، بين المعبر عن الحرية والساعي إليها، والمستبد المتشبث بالاستعباد كأسلوب ومضمون لبقائه في السلطة من جهة أخرى، حيث تكون تلك الإجراءات القمعية مقننة أحيانا أو مطبقة وفق عرف الاستبداد ونوازع المستبدين الصغار والكبار أو المجتمع أحيانا أخرى، وبكليهما غالبا، وفي المقدمة منها تلك المتعلقة باحتكار العمل في مؤسسات الدولة أو الموالون لها فقط ، و إقصاء جميع المكونات الاجتماعية والسياسية  النسائية غير المنطبقة عليها معايير الولاء الخانع و المتماهي في مؤسسات فاسدة، وتحريم النتاج الثقافي التقدمي المتمدن،وتلويث ذاكرة المجتمع المعرفية بطحالب الاستبداد المنتزعة من مستنقعات التاريخ ، أو فجاجة الحاضر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *