الجزائر قيديو \\ ( الوهراني ) لكشق قضايا الفساد وازمة الهوية البلجيكية

hisspress.net

يوم الأربعاء 17 دجنبر

نال الفيلم الجزائري الطويل “الوهراني” للمخرج إلياس سالم الجائزة الكبرى للجنة التحكيم في المهرجان الرابع عشر للفيلم المتوسطي في العاصمة البلجيكية بروكسيل.

ويروي فيلم “الوهراني” على مدار 128 دقيقة، قصة صديقين (جعفر وحميد) هما رفيقا سلاح يلتقيان بعد الثورة الجزائرية ليبني كل منهما الجزائر المستقلة وفق رؤيته.

ويلعب الممثل خالد بن عيسى دور حميد، الديبلوماسي الشاب العائد إلى وهران للزواج وشغل منصب سياسي مهم بعدما جاب العالم بحثاً عن دعم أجنبي للقضية الوطنية.

وكان “الوهراني” يتنافس مع 8 أفلام أخرى وصفها المنظمون بأنها “من أفضل إنتاجات السينما المتوسطية”.

وأثار فيلم “الوهراني” لمخرجه الجزائري الشاب إلياس سالم عاصفة من الانتقادات في الجزائر لمعالجته يوميات المجاهدين بطريقة رأى فيها البعض تعديا على قدسية الثورة واستهتارا بمن صنعها.

ويُظهر المخرج الشاب من خلال فيلمه أبطال الثورة الجزائرية وهم يحتسون الخمر داخل الحانات والملاهي الليلية ويتلفظون بألفاظ نابية، الأمر الذي أثار انتقادات حادة من طرف بعض المجاهدين والسياسيين والشخصيات الدينية، الذين طالبوا بإيقاف عرضه بتهمة الإساءة للثورة التحريرية.

وأثار الفيلم قضايا تتعلق بالفساد والاغتيالات والمخابرات وأزمة الهوية بالجزائر.

واعتبر العديد من القوميين والإسلاميين في الجزائر ان الفيلم وصمة عار في تاريخ السينما الجزائرية لانه يسخر من الثوار الجزائريين الذي ناضلوا بكل شجاعة من أجل تحرير الوطن.

واعتبر الداعية شمس الدين بوروبي أنه من غير المقبول إظهار مجاهدي الثورة بالصورة التي ظهروا بها في هذا العمل السينمائي، وأفتى بعدم جواز مشاهدة الفيلم.

وفتح بوروبي النار على “الوهراني”، داعيا إلى مقاضاة ومحاكمة منتجه والواقفين وراءه.

وقال شمس الدين أن الفيلم يحمل العديد من الإساءات، سواء للإسلام أو للجزائر ومجاهديها، حيث لا يتردد أحد الممثلين في لعن وسب الدين ويصوّر المجاهدين على أنهم يقاتلون فرنسا نهارا ويتوجهون إلى الكباريهات ليلا.

ووجه المتحدث نداء إلى أهل وهران يطالبهم فيه برفع دعوى قضائية ضد الفيلم الذي يسيء إلى مدينتهم من خلال عنوانه، وقبل ذلك يسيء للإسلام والجزائر.

واعتبر ان سب الدين بعبارات صريحة تمثل أجرأ تطاول على الإسلام.

ويصوّر الفيلم كيف قام احد المجاهدين بسبّ الدّين في حالة غضب بعد مقتل احدهم.

وأكد الرئيس السابق لمنظمة أبناء الشهداء والرئيس الحالي لحزب “الفجر الجديد” الطاهر بن بعيبش أن “الفيلم يتضمن إساءة لثورة التحرير والمجاهدين والشعب الجزائري ككل تحت غطاء حرية التعبير والرأي”.

واكدت مصادر مطلعة أن لجنة تنظيم الطبعة الثالثة لبانوراما الفيلم الثوري لمدينة مستغانم الجزائرية أقصت الفيلم المثير للجدل من قائمة الأفلام المرشحة للمشاركة ضمن أفلام البانوراما على خلفية الانتقادات وردود الأفعال الغاضبة التي أعقبت عرضه بوهران.

وتدخلت أطراف للحيلولة دون عرض الفيلم بمدينة مستغانم تجنبا لانتقادات جديدة.

على الجانب الاخر، دافعت نادية لعبيدي وزيرة الثقافة الجزائرية عن الفيلم باعتباره يندرج في اطار حرية والتعبير.

واعتبرت لعبيدي انه “تعرض للثورة بطريقة هزلية كوميدية”.

وأشارت وزيرة الثقافة الجزائرية أن الكلمة تترك للجمهور فهو ناضج بما فيه الكفاية للحكم على الفيلم، مؤكدة أن كل فيلم في نهاية الأمر يعبر عن وجهة نظر، ومن الطبيعي أن يثير ردود افعال مختلفة.

كما رفضت النخبة المثقفة الحملة التي يتعرض لها الفيلم واعتبرته من الاعمال الفنية الابداعية كما انه يستحضر جانبا من ثورة لا تخضع لوصاية أحد.

واعتبر رئيس الشبكة الجزائرية للإعلام الثقافي الكاتب والإعلامي محمد بغداد، بأن المشكلة لا تتمثل في فيلم “الوهراني” بل في طبيعة النقاش.

واوضح أن الاشكال يتمثل في حجم ونوعية التفاعل في المشهد الثقافي الجزائري الذي يعاني الكثير من التخبط، كون مساحة الإبداع فيه تتقلص يوميا، وهو ما يجعل النقاش سطحيا وهامشيا وأحيانا خارج التاريخ.

وقال محمد بغداد “إثارة هذه القضية، تفيد بأن نخبنا ما تزال غارقة في دهاليز الماضي، وتعيش على اجترار إشكاليات لا علاقة لها بالواقع اليومي، وبعيدة عن الرهانات والتحديات الحقيقية التي تواجه المجتمع اليوم والالتزامات التي تنتظره غدا”.

ويثير الفيلم الجزائري قضايا متعددة منها مصير الثورة التي انتهت باستقلال البلاد عن فرنسا عام 1962 وتحولات المشاركين فيها حين أصبحت الثورة دولة يؤرق بعض أبنائها سؤال الهوية وكان مستبعدا في ظل وجود هدف واحد قبل الاستقلال.

والفيلم الذي أخرجه لياس سالم (41 عاما) يبلغ 128 دقيقة وشارك في بطولته بوكيفا عبدالله وخالد بن عيسى وجمال بارك وامال كاتب.

ويبدأ الفيلم نحو عام 1957 خلال الثورة الجزائرية من خلال ثلاثة أصدقاء هم حميد وفريد وجعفر “الوهراني” الذي ينضم إلى حركة التحرير الجزائرية ويصبح مع صديقيه من أبرز قادتها العسكريين.

وعبر 30 عاما هي زمن أحداث الفيلم يستعرض مخرجه مصائر حياة الأصدقاء الذين كانوا ثوارا في شبابهم.. إذ يصبح “حميد” رجل أعمال ولا يتردد في أن يطلب من “جعفر الوهراني” الذي أصبح مسؤولا مرموقا وأحد تروس الآلة البيروقراطية في الدولة بعض التسهيلات التي تقترب من التجاوزات.

ولا يتردد “حميد” في إيذاء “فريد” الذي ظل على نقائه الثوري القديم ولم يعد يبالي بهموم الناس بل يقول لصديقه جعفر في أحد المشاهد الدالة “أتعرف معنى الشعب؟.. أشخاص لهم فم ومعدة” ولا يصدق جعفر أن رجل الأعمال النهم للمال هو نفسه صديقه الذي كان يمكن أن يكون في عداد “شهداء ثورة التحرير”.

ولا تمضي أحداث الفيلم بشكل تصاعدي وإنما يعود إلى الماضي ليسترجع مشاهد قديمة تمثل إضاءات على مواقف جديدة أو تفسرها.

وكان الوهراني حين انضم للثورة ترك زوجته “ياسمين” التي يغتصبها فرنسي ثم ماتت بعد أن أنجبت ابنا ذا ملامح فرنسية ظلت تثير حنق الصبي الذي لا يعرف تفسيرا لملامحه التي لا تشبه أباه.

ويطرح الأصدقاء الذين سبق أن وحدتهم الثورة أسئلة حول هوية البلاد وكيف يكونون عربا وأصولهم أمازيغية؟ وبأي قدر يختلف العرب عن فرنسا التي فرضت لغتها على الجزائر واعتبرتها جزءا من فرنسا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *